Friday, April 20, 2007

مبارك لايصلح لحكم مصر

ليس السؤال: من يصلح لحكم مصر بدلاً من مبارك؟، بل الجواب أن مبارك الأب أو الابن ـ بالذات ـ لا يصلح لحكم مصر. قد يبدو القطع في الجواب وجوبياً، ربما لأن السؤال الأبله ـ فيما نظن ـ لا يزال يتردد، فقد كنت أحادث مفكراً كبيراً ـ ومعارضاً بإخلاص ـ عن ضرورة عمل شيء أبعد من مجرد رفض التعديلات الدستورية إياها، وأن الدعوة لتنحية مبارك، والدخول في فترة انتقال ديمقراطي لسنتين هو الحل، وكان يرقب حوارنا القصير مفكر كبير ومعارض كبير أيضاً، وفوجئت بالرجلين الكبيرين يعبّران عن الحسرة، فهما يلتقيان بكبار القوم من معارضين وأنصاف معارضين، والكل علي كامل الاقتناع بمطلب التغيير، لكنّهم في يأس، وربما في كرب عظيم، السبب: أن سؤال البديل لمبارك يبدو كلغز، وأن الجواب يبدو وكأنه لا أحد ظاهر، ربما التفسير في هذا المزيج العجيب من الرغبة في التغيير والخوف من التغيير في الوقت نفسه، أو ربما هو الاعتياد الثقيل علي وجود شخص ما ـ فرعون ما ـ آلت إليه مفاتيح الحل والعقد، وقد يكون لا يستحق شرعاً ووضعاً، لكنه يملك بالغصب فيحكم بالقسر، ويصعب أن تمضي الأفلاك في مداراتها بدونه، وكأنه يمسك بالسماوات فلا تقعن فوق رؤوسنا، أو يدق بقدمه في الأرضين فلا تميد بنا ولا تبتلع ، ولا يعود لنا من مقر ولا مستقر غير السكن في مقام الرجاء الباهت، لا يعود لنا غير أن نطلب وربما نلحّ، أو أن نبحث عن سبل إقناع الذي يملك بأن يتفلّت ملكه، مع أن البداهة تقضي بالعكس، ومع شخص مثل مبارك يبدو الإقناع فالاقتناع طلباً لمستحيل، فالرجل ـ بطبعه الشخصي وتكوينه العقلي ـ هو إمام الركود بامتياز، وهشاشة القاعدة الاجتماعية والسياسية لحكمه تثير الفزع بالغرائز، وربما لا تترك له من فرصة للثقة في شيء أبعد من عصا الأمن، وراقبوا بعناية ـ أو بنصف عناية ـ ما يحدث هذه الأيام، فالرئيس مبارك لا يزورمنطقة مصرية إلا وتحولت إلي ثكنة عسكرية ، بل إن موعد زيارته لأي مدينة أو قرية مصرية يحاط بالسرية الكثيفة، وتتغير المواعيد بل تتأجل شهوراً، وإلي أن تأتي ساعة الصفر بغتة وكأنها ملاك الموت، ليس لأن هناك خطراً مؤكداً أو شبه مؤكد، بل لأن الشكوك والمخاوف والوساوس من احتمال وقوع شيء ما هي الهاجس المسيطر، وبالجملة: يتصرف مبارك كزعيم تشكيل سري لا كرئيس دولة، ويحيا ويتنفس بحساب معقد في صوبة أمنية محكمة الغلق، ولولا أننا نشاهد صوره في جرائد الحكومة، وفي الاستقبالات الرسمية، وفي بضعة أحاديث متلفزة مسجلة غالباً، ربما لانصدق أن الرئيس موجود بالفعل، ونحن بالطبع نتمني له ـ ولغيره ـ طول العمر، ولا نتمني بالقطع أن يطول به المقام أكثر في حكم مصر، فقد تحولت مصر في ظله ـ غير المرئي ـ إلي بلد مبني للمجهول، والابن ـ بالعرق الدساس ـ سر أبيه، ربما مع صلافة وكبر وعناد الذي يطمح ويطمع لا الذي يكتفي بدوام القمع، ولا يليق مع القصة وما فيها أن نتساءل ـ مجرد التساؤل ـ عن شخص يصلح لحكم مصر بدلاً من مبارك أو من ابنه، فالتساؤل ـ في ذاته ـ أعظم إهانة لمصر والمصريين، ففي مصر عشرة ملايين ـ علي الأقل ـ لهم قدرات عقلية ونفسية وقيادية أكبر بكثير من مبارك أو ابنه، وإن كنتم في شك فتعالوا بنا نحتكم، تفضلوا بإجراء اختبارات ذكاء لثمانين مليون مصري يُضمّ إليهم مبارك وابنه، ثم افترضوا أننا تركنا اختبارات الذكاء لحالها، وعرفنا ـ دون تحمل تكلفة الاختبارات ـ ما هو معروف ببداهة النكات الشائعة لدي عموم المصريين، فماذا عن القدرات الشعبية؟، وهل يجزع المصريون فعلاً لو تركنا مبارك أو ابنه؟، وإذا كان ذلك كذلك وهو ليس كذلك، فلماذا ـ إذن ـ يجزع مبارك أو ابنه من تنافس مفتوح علي منصب الرئاسة؟، ولماذا يلفّ ويدور ـ بتعديلات العبث في المادة 76 ـ حتي يحرم المصريين من حق التنافس الانتخابي؟، ويحصر القصة كلها في بضعة أشخاص مختارين لأدوار الكومبارس دون ملايين الشعب المصري؟، وقد أزعم ـ ولدي الثقة الكاملة ـ أنه ليس بوسع مبارك ـ أو ابنه ـ الحصول علي واحد بالمائة من الأصوات في انتخابات رئاسية مفتوحة تتوافر فيها نصف اعتبارات النزاهة، بل ربما أزعم أن مبارك وابنه ليس بوسعهما أن يدخلا هذه الانتخابات من الأصل، ربما لأن الأفضل للأب أو للابن ـ في ظروف الخطر الانتخابي ـ هو الفوز من الغنيمة بالإياب فراراً من ساعة الحساب. باختصار ـ ومن الآخر ـ لا تتساءلوا من فضلكم عن شخص يصلح كبديل لمبارك في المنصب الرئاسي! يكفي أن تنظر حولك، لكن لا تنظر فوقك، ربما لأنه هناك.. ليس من أحد. إشارات:* في خالد مشعل وحسن نصرالله شيء مشترك، عقل نابه بعمق الجرح الفلسطيني، ولمعة ثقة بالنصر في عينين نافذتين إلي مقام الشهادة. * إذا ذهبت للجنة الأحزاب ـ بالطلب إياه ـ فاستغفر لربك، وإذا خرجت منها ـ بالرخصة إياها ــ فصلٍ صلاة مودّع! * اغتصاب عراقية فجر غضب أغلب العراقيين، واغتصاب بلد لا يهز رمش أغلب المصريين

0 التعليقات:

Post a Comment

شوف انت عاوز تقول ايه

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More