Friday, April 20, 2007

الحومة الخفية التى تحكم مصر


ما اكثر حكماء هذا الزمان في صحفنا القومية واجهزة الاعلام الرسمية يتباكون علي قدسية القضاء وهيبته، فقد قررت قلة مارقة.. تحركها دوافع مشبوهة، الوقوف في الطرقات بالاوسمة، ثم اعتصموا في ناديهم، يحاكون طوائف ليس لها مقام القضاة الرفيع، ولا يجوز للقضاة ان يختلفوا فيما بينهم، ولا ان يعرف الناس اسباب الخلاف،
خاصة اذا كان الخلاف مع اصحاب المناصب العالية.. المعصومين بالرضا السامي، ولا يجوز للقضاة ولا لغيرهم ان ينتقدوا حكما، او قرارا حتي لو كان صادما لمشاعر الناس جميعا، فشيوخ القضاء وقيادات العمل القضائي هم احبار هذا الزمان وكهانه، ولابد ان يتخدهم القضاة والناس جميعا اربابا من دون الله.. لا يرد لهم قضاء ولا قول، والا نلنا من قدسية القضاء.. الذي يحرص النظام علي إظهار تقديسه وتقديس رجاله، حتي لو لم تنفذ الحكومة احكام المحاكم، وحتي لو انتقص النظام من اختصاصات القضاء بتشكيل محاكم استثنائية او اصدار قوانين استثنائية تؤدي الي ظهور القضاء امام مواطنيه بمظهر العاجز عن حماية حرياتهم وحتي لو هزأ مجلس الشعب بالقضاء واحكامه.. قائلا انه سيد قراره. فلا شيء من ذلك ينال من هيبة القضاء بل ولا ينال من هيبة القضاء استعمال القضاة اداة في تزييف الانتخابات طوال سنين ذات عدد ولا استعمالهم اداة للتنكيل بالخصوم السياسيين، ولا اداة لغض الطرف عن فساد المقربين، بل وحتي الاعتداء علي القضاة من رجال الامن فلا شيء من ذلك ينال من هيبة القضاء.. ولا قداسته.
وانما الذي ينال من هيبة القضاء ان تتمرد قلة مارقة، تحركها دوافع مشبوهة، وتخترقها جماعات محظورة، يرفعون صوتهم حتي تسمعهم الامة فتدرك ان بعض كهنة المعبد من لابسي الاوسمة، ما هم الا دمي تحركهم خيوط خفية وما هم الا ابواق يردد من خلالها السلطان اوامره ويحمي مصالحه.. والامة هي مصدر السلطات جميعا بما في ذلك السلطة القضائية، والقضاء المصري هو ملك لشعبها، وحارس قيمها، وحامي حريات افراده وحرماتهم ومن حق الامة علي ابنائها ان يبصروها بالاخطار التي تهدد قضاءها، حصنها وملاذها، حتي لا يضيع القضاء كما ضاعت مؤسسات كثيرة عزيزة علي هذه الامة، فدخلت عصر التيه.
الذبح بغير سكين: يخبرنا الصادق الامين.. صلي الله عليه وسلم.. انه "من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين" فالقضاء.. في دول العالم الثالث.. محنة.. من تولاه فقد ابتلي بلاء عظيما فهو اما ان يهلك نفسه، او يجلب الهلاك علي امته كلها او لم يخبرنا صلي الله عليه وسلم ان ما اهلك من قبلنا هو ترك الكبراء.. والامراء يسرقون ويفسقون.. فاذا سرق منا الضعيف اقمنا عليه الحد، او لم يحذرنا من لعنة الله اذا ضاع الحق بيننا.. او اذا لم ينل الضعيف حقه غير متعتع وقال لنا "ان القضاة ثلاثة، قاضيان في النار وقاض في الجنة" وما اندر ان تجد في بلاد العالم الثالث قاضيا يستحق النجاة من النار.
المحاكم آلات مسخرة: ينقل لنا الدكتور فتحي سرور في كتابه القديم لشرح قانون الاجراءات الجنائية عن احد زعماء النهضة في الهند قوله بحصر اللفظ "التاريخ شاهد علي انه كلما طغت السلطات الحاكمة، ورفعت السلاح في وجه الحق والحرية، كانت المحاكم آلات مسخرة في يدها لتحقيق اهدافها.. وليس هذا بعجيب، فان المحاكم تملك قوة قضائية وتلك القوة يمكن استعمالها في العدل والظلم علي السواء، فهي في يد الحكومة العادلة اعظم وسيلة لاقامة الحق والعدل، وبيد الحكومة الجائرة افظع آلة للانتقام والجور ومقاومة الحق والاصلاح، والتاريخ يدلنا علي ان قاعات المحاكم كانت مسارح للفظاعة والظلم بعد ميادين القتال، فكما اريقت الدماء البريئة في ساحات الحروب، حوكمت النفوس الزكية في ايوانات المحاكم فشنقت وصلبت وقتلت والقيت في غياهب السجون".
الوسائل الماكرة: في كل بلاد العالم- حين تتغول السلطة التنفيذية.. وتتحول الي ملك عضوض تبدأ بالاستيلاء علي سلطة التشريع لتعكس ارادتها هي.. فتصبح البرلمانات مجرد مصالح تابعة لها.. ثم تمسك بادارة زمام العدالة وتحول الكثير من رجال القضاء الي مجرد آلات مسخرة بيد الحكومة وتصفي من خلال المحاكم خصوم النظام.. وتتستر بواسطتها علي انحرافاته.. وانحرافات اعوانه.. يقول تقرير لجنة حقوق الانسان بهيئة الامم المتحدة الذي اعده القاضي الدولي ل.م. سنجفي.. والمعتمد من الامم المتحدة في 31/7/1985 ما نصه "بعض الحكومات قد لا تستطيع ان تكبح جماح رغبتها في السيطرة علي القضاء، فتعمل علي ان توقف السلطة القضائية موقف المستجدي، وتجرد القضاء من بعض اختصاصاته ليظهر بمظهر العاجز، ويصبح هدفا لسخرية المواطنين، وتتبع في سبيل احكام سيطرتها عليه وسائل ماكرة، من ابرزها التهجم والتشهير بالقضاء ورجاله، ونشر الاتهامات الكاذبة والمحرجة لارهاب القضاة، واخضاعهم للضغوط، والتقتير علي السلطة القضائية في المرتبات والمعاشات والتقليل من اعتبار رجالها واثارة الخلافات بينهم واظهار المودة الرسمية حينا، والاعراب عن الاستياء الشديد حينا اخر.
الحكومة الخفية: حين قامت ثورة يوليو سنة 1952- وكانت ضرورة- حاولت تحقيق اهداف الامة الوطنية من خلال اوامر تصدرها قيادة الثورة، فاستولت علي مقاليد السلطة التنفيذية، وتولت تشغيل الادارات الحكومية عبر البلاد كلها وحلت البرلمان، والاحزاب واستولت علي سلطة التشريع والغت الاعضاء المنتخبين في مجلس القضاء الاعلي في سبتمبر سنة 1952 وامسكت بيدها كل مقدرات السلطة القضائية فانتقصت من اختصاصات القضاء، وامرت بتشكيل المحاكم الاستثنائية واصدرت التشريعات المانعة من الطعن علي قراراتها واختارت من القضاة حفنة يقدمون لها المشورة في صياغة التشريعات الجديدة، ويلقنون اعضاء محاكم الغدر والشعب والثورة مباديء التنكيل بالخصوم السياسيين باسم الشرعية الثورية ولا يمكن ان يتوهم عاقل ان القضاء يمكن ان يكون مستقلا في ظل ثورة او سلطة تحتكر اسباب القوة وتملك سلطة التشريع لنفسها وللناس.
علي ان ابرز امراض السلطة المصرية المزمنة.. التي لاتزال قائمة حتي الان، ان ثورة يوليو قامت من خلال تنظيم سري للضباط الاحرار ثم عجزت عن انشاء حزب حقيقي يحمل مبادئها ويدعو الي تنفيذ سياستها في العلن، فانشأت تنظيماتها السرية من اهل الثقة سواء اكانوا من الضباط الاحرار، ورفاق السلاح او الاقارب والاصدقاء.. او من يثقون فيهم من رجال السياسة والعمل العام، ووزعوهم علي المواقع الحساسة في ادارات الحكومة كلها وكان هذا التنظيم السري هو العصب الحقيقي للحكومة الظاهرة.. يتلقي اوامرها الخفية ويشارك في وضع سياستها ويحارب ما يسمي بخصوم الثورة في كل المواقع.
ثم تبدد هذا التنظيم خاصة بعد 15 مايو سنة 1971 وحل محله تنظيم جديد من المقربين وانصار الانفتاح والمستفيدين منه، ورجال الاعمال الجدد، وكذلك من طائفة من رجال الامن بالضرورة تكون مهمتهم الاصلية مراقبة نشاط الافراد والجماعات وكتابة التقارير من خلال اعوانهم في كل مؤسسات الدولة وادارات الحكومة، وايضا تلقي الاوامر التي لا يجوز اعلانها ثم تبليغها سرا للمتعاونين معهم.
وهذه الحكومة الخفية هي التي تتدخل في انتخابات النقابات، وترشح الوزراء، ورؤساء الجامعات. ورؤساء مجالس الصحف والبنوك.. وعمداء الكليات.. وهي التي تزرع الخلافات داخل النقابات.. والاحزاب.. والجامعات، وهي التي تزكي بعض رجال القضاء للأسف لشغل المناصب الحساسة "راجع صورة التأشيرة المرفقة للرئيس أنور السادات المرسلة للسيد سامي شرف في صيف 1969".
وهي أيضا التي اختارت رؤساء اللجان العامة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. ثم هي التي تختار من يكافأ منهم عن طريق الانتداب للمصالح الحكومية، وهي التي حددت اللجان الفرعية التي يتم حصارها بقوات الأمن المركزي، وكذلك اللجان الفرعية التي يتم تبديل كشوف الناخبين فيها، أو تلك التي يسيطر علي أعمالها البلطجية، وأمور أخري كثيرة يجمل السكوت عنها في هذه المرحلة.
محنة الانتخابات وصناعة الاختلاف بين القضاة حين أطلق الرئيس مبادرته لتعديل المادة 76 من الدستور فرح الناس، وتوجس القضاة خيفة، فهم سيكلفون بالإشراف علي الاستفتاء ثم انتخابات رئاسية ثم انتخابات نيابية في فترة قصيرة، والانتخابات في مصر هي من اختصاص الحكومة الخفية لا الحكومة الظاهرة، والحكومة الخفية هي التي أدارت كل الانتخابات السابقة، وهكذا سيتولي صناع الفساد مهمة تنفيذ وعد الرئيس بالإصلاح.. وهكذا ستصيب القضاة معرة تعصف بالباقي من الثقة العامة فيهم، فطالب القضاة بسرعة إصدار تعديل قانون السلطة القضائية، وبتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية.
فإذا بمشروع القانون الذي وضعته لجنة مشتركة من وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلي ونادي القضاة منذ 18/1/1991 يصبح محلا للخلاف رغم أنه سبق أن وافق عليه رئيس الجمهورية نفسه، ومجلس الوزراء، ووزير العدل في ذلك الزمان.. لكن الحكومة الخفية لن تقبل ابدا بإلغاء انتداب القضاة الي المصالح الحكومية.. فتحرم المتعاونين معها من المكافآت، ولن تسمح أبدا بعودة سلطان الجمعيات العمومية للمحاكم، لأن ذلك سيمثل قيدا علي تدخلها في اختيار قاض بعينه لنظر قضية بعينها، أو اختيار الرجل المناسب لشغل المناصب الحساسة حسب تعبير الرئيس أنور السادات.
تكسير العظام : يحرص القضاة في كل مناسبة علي أن يرددوا، أنهم لا شأن لهم بالسياسة ورجالها، وأنهم يحترمون اختصاصات وهيبة السلطتين الأخريين التشريعية والحكومة الظاهرة، وانه حتي لو تصاممت السلطتان الأخريان عن الاستماع لمطالبهم فإنهم سيلتزمون بالحكمة والموعظة الحسنة، ويختارون من القول ألينه، لأن القضاة يدركون أن وقع كلامهم علي السلطتين الأخريين أليم، وحتي لو بسطت إحدي السلطتين الأخريين يدها أو لسانها لتنال من القضاة، فلن يقولوا لهما الا سلاما، حتي لا تنكشف عورات يحسن ان تستر، وحتي نحافظ علي استقرار النظام في ظل العواصف التي تجتاح المنطقة، ولذلك اعترضوا سرا لدي السيد وزير العدل علي اختيار بعض رؤساء اللجان فعجز ـ وهو رئيس اللجنة العليا علي الانتخابات ـ عن استبدالهم.. وحين القي بالقضاة في مستنقع الانتخابات التي تتفرد الحكومة الخفية بإدارتها، فرصدوا بأعينهم، وكذلك من خلال شهادات بعض كبار رجال الامن المغلوبين علي امرهم، حالات تجنيد بعض البلطجية للسيطرة علي اللجان، وحالات العبث بإجراءات اعلان النتائج في بعض اللجان العامة، والتعديل المتعمد لكشوف الناخبين في الجولة الثانية لبعض اللجان الفرعية، وحصار بعض اللجان الاخري بقوات الامن لمنع الناخبين، ثم عرضوا برهانهم علي وزير العدل، وقالوا له "إن المادة (26) من قانون مباشرة الحقوق السياسية تسمح لهم بالاستعانة بالقوة العسكرية".. وحتي لا يخسر القضاء المصري شرفه، اتفق وزير العدل مع مجلس ادارة النادي علي ما يلي:
1 ـ ان يتم اعلان نتيجة كل لجنة فرعية علي حدة بمكبرات للصوت.
2 ـ ان يتم الفرز في حضور المرشحين ووكلائهم.
3 ـ ان يزود مقر كل لجنة عامة بدائرة تليفزيونية.
4 ـ أن يسند إدارة قوات الامن خارج اللجان الفرعية الي قضاة لضمان حرية الناخبين وتيسير تدفقهم الي داخل اللجان.
5 ـ أن تسلم كشوف الناخبين الي رؤساء اللجان الفرعية من نسختين في الجولة الاولي لمنع تبديلها بغيرها في الجولة الثانية.
ووافق الرجل.. واللجنة العليا للانتخابات علي ذلك، وقام سيادة الوزير بإعلان الاتفاق بنفسه، فاستشاط غضب الحكومة الخفية عليه، وامتنعت عن تنفيذ الاتفاق بل نقضت تعهده لنادي القضاة بإعفاء احد رؤساء اللجان العامة من الاشراف علي الانتخابات في المرحلة الثانية، كما رفضت اعتذار ذلك المستشار عن رئاستها لمرضه والزمته بالقيام علي تلك اللجنة علي خلاف ارادته وارادة الوزير، وعسي ان ينجي الله الوزير من عقابها.
وحين بدأ القضاة في الكشف عن بعض ما لديهم من ادلة ـ وهي كثر ـ علي ما يسمي بالتجاوزات التي وقعت في الانتخابات، لعل ذلك يسهم في علاج آثار هذه التجاوزات.. او يسهم في اعادة الحق الي اصحابه، طاش صواب الحكومة الخفية واتباعها.. وبدأ تلفيق الاتهامات بالباطل لكل من اقترب من الحديث عن ضمانات نزاهة الانتخابات، وإذا بالاشتراك في لجنة تقييم اشراف القضاة علي الانتخابات يصبح جريمة.. وتهمة توجه كتابة الي وكيل نادي القضاة، وعرف القضاء بدعة اسمها الاذن بالسؤال، وعرف نشر اسماء المأذون بسؤالهم في الصفحات الاولي من الجرائد الرسمية وصفحات الحوادث فيها، وبدأنا نري مستشارين منتدبين للتحقيق لا يسمحون بالاطلاع علي الاوراق ولا بتصويرها، ثم يتخلون عن اختصاصهم بالتصرف في الدعوي الجنائية ويفوضون الامر الي السيد وزير العدل، ثم سمعنا عن مشروعات قوانين سرية، ومحاكم لا تقبل ان ترد، ثم اخذت الحكومة الخفية تدس للقضاة عند السلطان وترفع اليه تقاريرها بأن يصم آذانه عن مطالبهم، ولولا ان ربط الله علي قلب مجلس ادارة نادي القضاة وانزل سيكنته علي اعضائه، ولولا ان ألف الله قلوب القضاة.. وقلوب المواطنين لأطيح برهط من قضاة مصر.. لانهم اناس يتطهرون.. والله غالب علي امره، ولكن اكثر الناس لا يعلمون

2 التعليقات:

فلسطين بكاملها هده الأيام على وشك أن تصبح في خبر كان

http://www.cjbuy.com/forum/

تسلم على مرورك
وعدم تعليقك
لكن هخش اشوف اللينك دا

Post a Comment

شوف انت عاوز تقول ايه

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More